التنمية المستدامة تشكل واحدة من أبرز المفاهيم في العديد من القطاعات، ومن بينها القطاع العقاري. يعرف هذا المفهوم بأنه الجسر بين النمو الاقتصادي والاجتماعي والاعتراف بالحاجة إلى حماية البيئة لضمان تلبية احتياجات الأجيال المستقبلية.
ما هي التنمية المستدامة:
تسعى التنمية المستدامة إلى استيعاب احتياجات الأجيال الحالية دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها. هذا يتطلب نظرة شاملة تجمع بين الأبعاد الاقتصادية، الاجتماعية والبيئية.
التوازن بين الأبعاد الثلاثة:
البعد الاقتصادي: يركز على تحقيق نمو مستدام، وذلك من خلال زيادة الاستثمار وتوفير المزيد من فرص العمل وتعزيز الرخاء.
البعد الاجتماعي: يتعلق بتلبية احتياجات الأفراد، سواء كان ذلك في الرعاية الصحية، التعليم، الإسكان أو غيرها من الخدمات الأساسية.
البعد البيئي: يتناول الحفاظ على البيئة والتعامل مع الموارد الطبيعية بشكل مستدام، مع التركيز على مكافحة التلوث وتعزيز الكفاءة في استهلاك الطاقة والمحافظة على الموارد.
التعاون من أجل الاستدامة:
لا يمكن تحقيق التنمية المستدامة دون تعاون جميع الأطراف المعنية. يتطلب هذا التعاون مشاركة الحكومات وقطاع الأعمال والمنظمات الخاصة لضمان تحقيق التوازن المطلوب بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية وحماية البيئة.
في السياق العقاري، يتم ربط مفهوم التنمية المستدامة بالاستراتيجيات التي يضعها المطورين في الشركات العقارية. هذه الاستراتيجيات تهدف إلى تحقيق تطور ملحوظ في السوق العقارية والرفع من جودة الخدمات المقدمة في هذا القطاع. من النواحي المهمة في هذا المفهوم هو دور المؤسسات الحكومية ومساهمتها في دعم الشركات الإنشائية، بالإضافة إلى تقديم التسهيلات المطلوبة.
الأموال الكبيرة والتدفقات المالية التي يوفرها رجال الأعمال والشركات لها تأثير قوي في تحقيق هذه التنمية المستدامة في القطاع العقاري. هناك مجموعة من المؤشرات المختلفة التي يمكن استخدامها لقياس التقدم المحرز في التنمية المستدامة، وهذه المؤشرات تعطي لمحة عن أداء القطاع العقاري بناءً على العوامل البيئية والاجتماعية والاقتصادية. وعند اختيار هذه المؤشرات، يجب التأكد من تجنب أي تحديات قد تظهر أثناء تقييم النتائج.
العديد من المؤسسات الدولية تسعى لتطوير مجموعات خاصة من المؤشرات لتقييم التنمية المستدامة. من الأمثلة على ذلك، مؤشرات التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة والمؤشرات الأوروبية المعترف بها. فيما يتعلق بقطاع البناء، هناك مؤشرات محددة مثل تراخيص البناء وتكلفة البناء ومبيعات العقارات.
التنمية المستدامة في السوق العقارية أصبحت من الأمور الأساسية والحيوية، خصوصًا مع توسع المشاريع الاستثمارية والمجمعات السكنية. هناك توجه نحو استخدام الطاقة المتجددة وتبني التقنيات الحديثة في البناء، مما يسهم في تعزيز فكرة الاستدامة في السوق العقارية.
هناك ثلاثة أسس يجب أن يعتمدها القطاع العقاري لتحقيق التنمية المستدامة: الحفاظ على البيئة، تحسين الجودة الاجتماعية، ومراعاة التطورات الاقتصادية. وفقًا لتقرير جمعية المستثمرين العقاريين، شهد الاقتصاد التركي نموًا بنسبة 11% في الربع الأول من عام 2022، وبلغت نسبة نمو قطاع البناء 14.8%.
وفي النهاية، التنمية المستدامة في القطاع العقاري هي ليست فقط ضرورة، ولكنها تعد استراتيجية يتم التطلع إليها من أجل بناء مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا.